البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : أولو الفضل في اوطانهم غرباء


اللزومية الأولى من شرح لزوم مالا يلزم : (بحر الطويل) عدد الأبيات (20). الآباء والبنون(1) "قال الضعيف العاجز أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي الضرير، رهن المحبسين، في الهمزة المضمومة مع الباء، والطويل الثالث(2)". وهي إحدى اللزوميات التي اختارها وشرحها البطليوسي تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد رقم /4/ص81. بثلاث أبيات فقط (12،13،14) ، وبدأ فيها البطليوسي شرحه من البيت (12) . و إحدى اللزوميات التي اختارها أبو المعالي الحظيري صاحب "زينة الدهر" في كتابه "لمح الملح" أورد منها البيت (4)مج 1ص186. ويستوقفنا في نشرة د. طه حسين والأبياري أنهما ينقلان كلام البطليوسي من غير أن ينسباه إليه في كل اللزوميات التي شرحها. وكان المرحوم عبد الوهاب عزام قد تناول نشرة الدكتور طه حسين والأنباري بالنقد فور صدورها في مقالتين نشرتا في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ( المجلد 30ج3 /1955م-1374هـ، والمجلد31 ج3/1956م-1375هـ ) ويظهر من كلامه أنه لم يطلع على شرح البطليوسي لما اختاره من اللزوميات لأن نقده خلا من الإشارة إلى ما نقله طه حسين حرفيا من كلام البطليوسي في كل ما شرح من اللزوميات ولم ينسبه إليه وقد ارتأينا أن ننشر كلام عزام في هامش كل بيت تناول فيه نشرة طه حسين والأنباري بالنقد (ونشير هنا إلى أننا نشرنا مقدمة نقده كاملة في شرح اللزومية السادسة) وأما الأبيات التي نقدها في اللزومية الأولى هذه هي البيتان: (13،16) إِذا نَزَلَ المِقدارُ لَم يَكُ لِلقَطا=نُهوضٌ وَلا لِلمُخَدِراتِ إِباءُ# وَزادَكَ بُعـْداً مِـن بَنيـكَ وَزادَهـم =عَلَيــكَ حُقُــوداً أَنَّهُــم نُحساء# كذا وردت هذه القافية في نشرة طه حسين، ولا شك أن لفظة النحساء خطأ مطبعي لأنها تخالف التزام الباء قبل الألف كما جاء في مقدمة اللزومية. وهي أول ما بدأ به الدكتور طه حسين كتابه "صوت أبي العلاء" ص 13 وهو كتاب يتضمن شرح خمسين لزومية،نشرت لأول مرة عام ١٩٤٤ : منها ٣٦ لزومية مما قافيته همزة وألف والباقي من قافية الباء وكل ذلك أدرج ضمن نشرته لشرح اللزوميات لاحقا عام ١٩٥٥م، وقال في شرحه للزومية: "لله أهل الفضل والعلم ما أجدرهم بالرحمة وأخلقهم بالرثاء! إني لأراهم غرباء في بلادهم، مجفوِّين من أقاربهم، منبوذين من ذوي معرفتهم, وإني لأرى الفقر قد ضرب عليهم رواقه، وألقى عليهم كَلكله، فحرمهم لذة الأغنياء، بسباء الخمر، وسبي النساء، وبالغ في إذلالهم والغض من أقدارهم، حتى إن أحدهم لينال أقل القوت وأدنى العيش، فيحسبه عطاء موفوراً، أو نعمةً مسبغة عليه. وا أسفاه لنار شبيبتي حين تخبو، فلن أجد عنها سلوة ولا عزاء مهما ترتفع بي المنزلة، ولو نُصّ لي خباء بين النجوم. ذلك أن الشبيبة وحدها هي التي تتيح لي اقتضاء لذّاتي واكتساب حاجاتي. فإذا انقضت فلا أمل في لذة، ولا مطمع في رضاء حاجة. أليس لكل عمل قدرٌ قدِّر به، ووقتٌ أتيح فيه، فليس بعد الخامسة عشرة طفولة ولا صِباً، وليس بعد الأربعين مرح ولا مجون. أجِدَّك لا يقنعك ما يتاح لك في هذه الدنيا من حظ! رفِّه عليك، واقصد في أطماعك، ووازن بين ما تسدي وما يُسْدَى إليك؛ فلو قد فعلت لتبينت أنك لا تُسْدِي شيئاً، وأن الذي يُسْدَى إليك كثير. إنما مثل ما يصيب الناس من حسن الحظ وسوئه مثل الأرض التي يتاح لبعضها أن ينبت ذكي النبت ورائعه، ولا يتاح لبعضها الآخر إلا أن ينبت غليظ النبت وفجه، ولا يعطى منه إلا الردئ الممقوت. تواصل حبل النسل ما بين آدم وبيني، وكان ذلك حمقاً تجنبته، وغيّاً برئت منه، فقطعت هذا الحبل ولم أصله، وأعرضت عن الزواج فلم أعقب في هذه الأرض نسلا. إنما كان اتصال النسل عَدْوَى شاعت بين الناس كما يعدى المتثائب جاره؛ أما أنا فقد برئت من هذه العدوى وعُصِمتُ من آثارها، فلم أتثاءب حين تثاءب جليسي. إيه للناس! لقد عرفتهم حق المعرفة، وبلوتهم أحسن البلاء، فرأيتهم كلهم هباء، ورأيت أمرهم كله باطلا. أفتراني زهدت فيهم إلا لأني بهم عليم. ليتني استطعت أن استدرك ما مضى، وأتلافَى ما فات، إذا لأنكرت من أمري بعض ما عرفت، ولغيرت من مواصلتي القديمة للناس نفورا منهم وانقطاعا عنهم. ولكن أين السبيل إلى ذلك وقد اشتعل الرأس شيبا كأنه النار تأخذ أطراف القصب!. إنما هو القضاء يجب الإِذعان له والرضا له، فالقضاء إذا حُمّ قص جناح القطا فلا تنهض، وقلّم أظفار السباع فلا تصول وأنت عن فهم هذا القضاء عاجز، ومن الوصول إلى سره ممنوع. ألا تراه يكفّ بأس ذي البأس، فيمنعه من البطش حين يريد البطش، ويحتفظ للسهل بسهولته وللحزن بحزونته مهما تتعاقب عليهما الأحداث. انظر إلى جبل رَضْوَى ما زال قائماً على كثرة ما نطحته الجيوش، وانظر إلى أرض قُبَاء ما زالت قائمة على كثرة ما اختلف عليها من الرايات والأعلام. أذعِنْ إذاً واستسلم، ولا تحاول فهما ولا تأويلا؛ فإن القضاء لا يخضع لفهم ولا تأويل. إنما الحياة شر، فلننصرف عن هذا الشر، وإنما الوجود بؤس، فلنقطع أسباب هذا البؤس. وإنما الآباء جُناة على أبنائهم مهما يبلغوا من علوّ المنزلة وارتفاع المكانة، ومهما يتح لهم من التفوق والسلطان. ويزيد جناية الآباء على أبنائهم حدة، ويزيد بُعْدَ الآباء من أبنائهم شدة، أن يتاح لهؤلاء الأبناء من الذكاء والنجابة، ما يكشف لهم عن هذا الشر العظيم الذي دفعهم آباؤهم إليه حين منحوهم الوجود، واضطروهم إلى الحياة، فورطوهم في مآزق لا مخرج منها ، ومصاعب لا سبيل إلى اجتيازها ومشكلات لا أمل في حلها. خذ حِذرك، ولا تسمع لكل ما يقال، ولا تستجب لكل ما تدعي إليه. أسئ ظنك بأدب الأدباء؛ فإنهم لا يدعون إلا إلى المين، ولا يرغبون إلا في الباطل، ولا يهدون إلا إلى الضلال. أتريد أن تعرف الحق فاستمع لي، إنما نحن صيد يطلبنا الموت حيثما اتجهنا، ويظفر بنا حيثما اعتصمنا؛ فلا تَفْرَق ولا تَجْبُنْ، وأقدم على ما ترى الإقدام عليه؛ فلن يمنحك الفرق خلوداً ولن يَجْنُبك الجبن موتاً. فكِّر أيّ فرق بين القوي إذا أدركه الخوف، وبين الضعيف إذا مسه الهلع! فكر ما خطب الظبي إن أشفق من الموت وفيم تنكر عليه هذا الإشفاق، إذا لم يكن الأسد الهصور بمأمن من الخوف والإشفاق؟". *** أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فلم نقف على ذكر لبيت من أبياتها فيما رجعنا إليه من المصادر وجدير بالذكر ان البيتين (16،18) من الأبيات التي أوردها أبو العلاء نفسه في كتابه "زجر النابح" المنشور بتحقيق د. أمجد الطرابلسي وقد خصصنا الكتاب بصفحة في موقعنا هذا وسيأتي أيضا في اللزومية الثانية أبيات ذكرها أبو العلاء في "زجر النابح" أيضا. وفيما يلي كلام أبي العلاء (ص3) من "زجر النابح" تعليقاً على هذا البيت إِذا نَزَلَ المِقدارُ لَم يَكُ لِلقَطا=نُهوضٌ وَلا لِلمُخَدِراتِ إباء# الذين [يقرون للبشر] (3)بعلم الغيب والملحدة لا يقولون بالقدر و [إنما المؤمن من](4) يصدّق بالخطاب المنزل، بدليل قوله تعالى: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى...)(5) وقوله: (قل لا يعلم من في السموات والأرض)(6) الغيب.. قال الطرابلسي: هذا كلامه في زجر النابح هـ. وقال أبو العلاء (ص4) في الرَّد على من اعترض عليه في البيت(7) وَمـا أَدَبَ الأَقـْوامَ فـي كُـلِّ بَلدَةٍ =إِلــى المَيــنِ إِلّا مَعْشـَرٌ أُدَبـاءُ# المعنى في هذا البيت أن الحسن بن هانئ (8)وعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي(9) وزياد بن عبد الله (10)وغيرهم من المتأدبين المعروفين بنظام الكلام كانوا يعتقدون مذهب الفلاسفة فيدعون الناس إلى المين، أي الكذب. فهذا برهان يأتلق كائتلاق الشمس، ويردّ الطاعن كخبيء الرمس. لأنّ هؤلاء جعلوا دعاةَ مينٍ ونُسِبَ قولهم إلى الشين. هذا كلام الشيخ أبي العلاء رداً على من اعترض عليه في أبيات من لزوم ما لا يلزم، فيها هذا البيت الذي هو: وما أدب الأقوام... ووسم الكتاب الذي رد فيه على المعترض بزجر النابح هـ. (1)حرف الهمزة _الهمزة المضمومة مع الباء والطويل الثالث: ص 31 شرح نديم عدي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2. (2)هو ذو العروض المقبوضة والضرب المحذوف. فصل الهمزة_ الهمزة المضمومة_ ص 53 تأليف الدكتور طه حسين، إبراهيم الأبياري ج1/دار المعارف بمصر. (3)ما بين القوسين مطموس في الأصل، وقد أصاب الغموض هذا النص في عدة مواضع لوقوعه في طرف الصفحة الأولى من الكتاب وتعرضه للرطوبة والبلى من جراء ذلك. (4)ما بين القوسين مطموس في الأصل. (5)سورة الرعد:7. (6)سورة النمل:65. (7)أدب الأقوامَ إلى المين: دعاهم إلى الكذب والباطل. وفي البيت تنديد بالأدباء الذيم يرغبون الناس في الباطل ويحملونهم على الضلال. (8)الحسن بن هانئ: هو أبو نواس الشاعر المشهور الذي عاش في صدر الدولة العباسية وكان منسوبا إلى الزندقة توفي سنة 198هـ. (9)عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي: من شعراء الشام في صدر الدولة العباسية له ترجمة في طبقات الشعراء المحدثين لابن المعتز (طبعة دار المعارف بمصر 1954 ص276-280) ويبدوا مما تبقى من شعره موزعاً في كتب الأدب والمختارات أن أسلوبه عربي خالص متأثر في الإسلام وخالٍ من كل ما يثبت انتسابه إلى العصبة والمزندقة التي يشير إليها المعري. انظر بحثاً عن هذا الشاعر للأستاذ خليل مردم بك في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق (الجزآن 3،4 من المجلد 32 الصادر في سنة 1957). (10)لا يُعرف بين شعراء العصبة التي يشير إليها المعري شاعر بهذا الاسم. ولعلَّ المقصود يحيى بن زياد بن عبيد الله بن عبد الله الحارثي، أحد شعراء صدر الدولة العباسية وصديق مطيع بن إياس وحمّاد عجرد ووالية بن الحباب وغيرهم، وكان مثلهم منسوبا إلى الزندقة، انظر ترجمته في تاريخ بغداد (ج14ص108-109) وانظر فصلاً في أخبار هؤلاء الشعراء الدهريين والزنادقة والمتهتكين الذين يعنيهم أبو العلاء في أمالي المرتضى (طبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر في سنة 1954ص142،144).


الى صفحة القصيدة »»